يتعايش مريض متلازمة الإجهاد المزمن مع حالة شبه يومية من التعب والإعياء، حيث تؤثر بالسلب على حياته لتعارضها مع أغلب أو ربما جميع النشاطات الطبيعية، ترى هل يمكن التخلص من متلازمة التعب المزمن يومًا ما؟ هذا ما نجيب عنه في تلك السطور.
متلازمة التعب المزمن
تعرف متلازمة التعب المزمن بأنها اضطراب أو مرض معقد وطويل الأجل، حيث تتشكل خطورته على الجسم بصورة يومية، مؤدية لحالة مزمنة من التعب والإجهاد وسط كم ليس بالقليل من الآلام والأوجاع.
ربما لم يكن يدرك البشر في يوم ما حقيقة وجود هذا الاضطراب، رغم انتشاره بدرجة أو بأخرى الآن، وفقًا لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها بالولايات المتحدة الأمريكية، والتي أشارت إلى أن ما يقترب من 2.5 مليون مواطن أمريكي يعاني من متلازمة التعب المزمن، فيما تكمن الأزمة الكبرى في أن أغلب تلك الحالات لم تشخص من الأساس.
تؤدي متلازمة الإجهاد إلى سيل من المتاعب لأصحابها، فبداية من الآلام التي تهاجم العضلات والمفاصل وصداع الرأس ومرورًا بصعوبات النوم والأرق المزمن ونهاية بضعف الذاكرة وفقدان التركيز وربما المعاناة من القلق والاكتئاب، يبدو هذا الاضطراب شديد الخطورة على البشر، ما يكشف عن ضرورة التوصل إلى أفضل طرق التخلص من متلازمة التعب المزمن.
تشخيص وعلاج التعب المزمن
بقدر أهمية اتباع طرق التخلص من التعب المزمن والتي سوف نذكرها لاحقًا، تأتي ضرورة تشخيص الاضطراب في البداية بالشكل الصحيح، وعلى أيدي الخبراء المتخصصين، حيث يحتاج الأمر إلى اتباع تلك الخطوات:
ملاحظة الأعراض
يقوم الطبيب في البداية بملاحظة الأعراض التي يعاني منها المريض المحتمل، لذا يستفسر منه بالتفصيل سواء عن درجة حدتها أو عن فترات الإصابة بها، علمًا بأن تشخيص متلازمة التعب المزمن يعني معاناة المريض من الإعياء حتى مع الحصول على الراحة ودون ممارسة المجهودات أحيانًا.
يصاحب الاضطراب المزعج تعب ذهني واضح وكذلك صعوبات في النوم، على مدار فترات تستمر لنحو 6 أشهر، ودون وضوح الرؤية بشأن ظهور أسباب جانبية للمرض المذكور.
الخضوع للاختبارات والتحاليل
يحتاج الطبيب للتأكد من عدم إصابة ضحية متلازمة التعب المزمن بأي مرض آخر له دور في ظهور أعراضه المزعجة، إلى إلزامه بالخضوع لعدد من الفحوصات الجسدية والتحاليل الضرورية.
لا يمكن لـ تحاليل الدم أو اختبارات القلب أن تكشف عن إصابة شخص بالتعب المزمن من عدمها، لكنها على الأقل تثبت أو تنفي وجود عوامل أخرى غير واضحة المعالم، وراء معاناته من الإعياء طوال الوقت سواء حصل على الراحة أم لا.
ملاحظة التاريخ الطبي
كذلك تبدو ملاحظة تاريخ المريض الصحي وكذلك تاريخ أسرته ضرورية للتأكد من معاناته من التعب المزمن، حيث يمكن للجينات أن تؤدي للإصابة بهذا الاضطراب، لذا فمعرفة تاريخ المريض وأسرته صحيًا تبقى ضرورية.
أيضًا يجب على الطبيب أن يعرف عادات المريض وسلوكياته بالتفصيل، نظرًا لأن بعض السلوكيات السيئة مثل شرب الكحوليات، لها دور في تحفيز أعراض الأزمة.
طرق التخلص من متلازمة التعب المزمن
إن كان التشخيص يمثل أولى خطوات العلاج، فإن التأكد فعليًا من المعاناة من الأزمة يعني ضرورة بدء خطوات التخلص من متلازمة التعب المزمن، والتي إن بدت مستعصية على العلماء حتى الآن، فإن السيطرة عليها قدر الإمكان تبدو واردة عبر تلك الخطوات:
الأدوية العلاجية
على الرغم من عدم وجود أدوية مخصصة لأجل التخلص من متلازمة التعب المزمن، فإن هناك بعض العلاجات القادرة على التحكم قليلًا في أعراض الأزمة المؤلمة، فما بين أدوية أو مسكنات الصداع وعلاجات آلام الجسم بشكل عام، يمكن للأطباء السيطرة على أوجاع المريض قبل اتخاذ خطوات أخرى جانبية.
جلسات الاسترخاء
من الوارد أن ينجح المريض في التخلص من متلازمة التعب المزمن ولو بصورة جزئية، مع الخضوع لجلسات تهدف إلى الاسترخاء، فبداية من جلسات التدليك التقليدية، ووصولًا إلى جلسات العلاج بالحرارة أو العلاج بواسطة الماء، تصبح وضعية المريض أفضل يومًا بعد الآخر.
النوم المريح
ينصح الأطباء دومًا من أجل التخلص من متلازمة التعب المزمن بدرجة مقبولة، بالحرص على النوم في المساء ولعدد ساعات يبدو كافيًا للمريض، فبينما يعبث هذا الاضطراب بالنوم مسببًا الأرق، فإن الخيار المتاح هو النوم يوميًا في مواعيد ثابتة مع الاستيقاظ المبكر في مواعيد محددة أيضًا، في ظل تجنب استخدام الأجهزة الإلكترونية ليلًا أو الاعتماد على القيلولة في منتصف اليوم.
جلسات العلاج المعرفي السلوكي
تتسبب المتاعب الدائمة في المعاناة من أعراض اكتئابية مختلفة، لذا تبقى زيارة الطبيب النفسي والخضوع لجلسات العلاج المعرفي السلوكي، إحدى طرق التخلص من متلازمة التعب المزمن، كونها تقلل من مشاعر القلق لدى المريض كما تمنحه فرص استغلال فترات الجلوس من الطبيب من أجل إخراج ما في جعبته من مشاعر سلبية، قبل تعلم طرق المواجهة الأفضل مع تلك الأزمة المزمنة.
نصائح للمريض من أجل التخلص من متلازمة التعب المزمن
يحتاج المريض نفسه إلى اتباع بعض الخطوات الضرورية، والتي تساعد في علاج التعب المزمن إلى حد كبير، فبينما ينصح بالحصول على الأدوية العلاجية وحضور جلسات العلاج النفسية ربما، فإن اتباع الخطوات التالية يبقى مطلوبًا أيضًا:
تجنب المحفزات
توجد قائمة ممنوعة من العادات والسلوكيات التي تحفز الأزمة لتبدو وأنها تتعارض مع علاج التعب المزمن، فبينما يعد السهر حتى الصباح وتغيير مواعيد النوم بصفة شبه يومية من بينها، فإن تلك العادات تشمل أيضًا تناول الكافيين وتدخين السجائر وشرب الكحوليات كما سبق وأن ذكرنا، حيث يصبح تجنب كل تلك الأشياء من ضمن خطوات التخلص من متلازمة التعب المزمن.
عدم الإفراط
لا تؤدي ممارسة المجهودات المبالغة، أو حتى الرياضة البدنية المفيدة بشكل عام، إلى نفس النتائج المرجوة لضحية متلازمة التعب المزمن، حيث يمكنها التأثير بالسلب على حالته في بعض الأحيان، لذا يبقى المريض وحده قادرا على تحديد ما يمكن للجسم القيام به بأمان دون زيادة خطر الألم في وقت لاحق.
تحديد أوقات الراحة
لا يوجد ما هو أفضل من تنظيم الوقت والأنشطة بالنسبة لضحية التعب المزمن، والذي يجد وضعيته أفضل بمجرد تحديد أوقات الراحة بشكل مسبق، مع العلم بأن إعطاء مساحة من الوقت لكل نشاط تعني عدم التسرع وبذل الجهود المبالغة، لتصبح حينها فرص إتمام المهام دون أي أعراض جانبية واردة للغاية.
إلمام أفراد الأسرة بالأزمة
تصبح الأمور أسهل كثيرًا وتصب في مصلحة علاج التعب المزمن، حينما يحصل المريض على الدعم النفسي المطلوب من الأشخاص المقربين منه، لذا ينصح بإخبار أفراد الأسرة والأصدقاء بحقيقة المعاناة من هذا الاضطراب، ليس فقط من أجل المساندة، بل كذلك من أجل تجنب الحصول على نصائح غير مفيدة في ظل عدم المعرفة بأسباب الأزمة الحقيقية.
في الختام، يبدو شفاء المصاب بالتعب المزمن بشكل كامل من أزمته مستبعدًا، إلا أن الأمر في كل الأحوال يتطلب زيارة الطبيب للوقوف على أفضل خطوات مقاومة أعراض هذا الاضطراب، حتى يصبح التحكم فيها ممكنًا يومًا ما.