تزخر ذاكرة كأس العالم بقصص غريبة وأحداث مثيرة تتعلق بنتائج المباريات والفوز باللقب، لكن القصص الأكثر إثارة للإعجاب هي تلك التي تروي كفاح اللاعبين خارج المستطيل الأخضر، مثل قصة لاعب الوسط الهولندي ديك نانينغا، وقد سردها الكاتب الأرجنتيني لوثيانو بيرنيكي في كتابه «أغرب الحكايات في تاريخ المونديال»، وترجمه من الإسبانية إلى العربية المترجم والصحفي المصري محمد الفولي.
كان نانينغا لاعبا مميزا في صفوف نادي رودا ياي سي، وبجانب ممارسة كرة القدم، كان يمتلك متجرا صغيرا لبيع الزهور في العاصمة الهولندية أمستردام، وفي عام 1978، قبيل انطلاق نهائيات كأس العالم في نسختها الـ11 والتي أقيمت في الأرجنتين، اتصل مدرب المنتخب الوطني به لاستدعائه للمشاركة في المعسكر الإعدادي للمنتخب، لكن اللاعب الذي كان يبلغ من العمر 29 عاما اعتذر عن الانضمام إلى زملائه، وعلل ذلك بقوله: «أعتذر، لن أتمكن من الحضور لأني لا أستطيع ترك متجري وحيدا».
وبعد اتهامه بالتخاذل من قبل الصحافة الهولندية أفصح بانينغا عن السبب الذي دعاه لرفض الانضمام قائلا: «لقد اقتربنا من موعد عيد الأم، ويجب أن أستغل تلك المناسبة، لأن كثيرا من الأشخاص يشترون الزهور في تلك الفترة لأمهاتهم، أما عن التدريب فسيكون لدي وقت كاف له بعد ذلك».
انضم نانينغا إلى معسكر منتخب بلاده فيما بعد، وقدم أداء جيدا في تلك البطولة التي وصل فيها منتخب هولندا إلى المباراة النهائية للمرة الثانية على التوالي، وسجل بائع الزهور هدف بلاده الوحيد في شباك الأرجنتين، لكن هذا الهدف لك يكن كافيا ليحمل هو ورفاقه الكأس، فقد انتهت المباراة بفوز المضيف بثلاثة أهداف مقابل هدف، وخرج الهولنديون بحسرتهم السابقة، لكن تلك النسخة من كأس العالم شهدت تجاوزات جمة من الدولة المنظمة، فقد كان المنتخب الأرجنتيني يلعب مبارياته ليلا بعد انتهاء جميع المباريات، ما أثار شكوكا حول التلاعب بالنتائج لكن تلك الشكوك لم تثبت إلى يومنا هذا.
استمرت الحسرة في قلوب الهولنديين إلى أن وصل منتخبهم إلى نهائي المونديال عام 2010، إلا أن الامر لم يختلف أبدا، فالكأس أبت أن تسكن أمستردام، ورغم ذلك يعد المنتخب الهولندي الذي لم يحقق بطولة كأس العالم حتى الآن، أفضل منتخب في تاريخ كأس العالم يمتلك سجلا حافلا بالإنجازات دون الفوز بالمونديال ولو لمرة واحدة، فقد احتل الوصافة في 3 نسخ مختلفة أعوام 1974، 1978، 2010، واحتل المركز الثالث عام 2014.