كان جاك أندراكا يبدو مراهقا عاديا، يحب ممارسة بعض الرياضات، ولكنه يعشق الاطلاع والقراءة في العلوم، ما ظهرت نتيجته الملهمة عبر كشفه عن اختبار ملهم لمرض السرطان، وهو في الـ15 فقط من عمره، فكيف حدث ذلك؟
مراهق عبقري
عند تخيل إنجازات مراهق في الـ15 من عمره، تتباين الأفكار بين تحقيق نجاح دراسي ملفت، التفوق في مجال فني وسط الأصدقاء، أو ربما الفوز ببطولة محلية للصغار، إلا أن الأمر يبدو شديد الاختلاف بالنسبة لجاك أندراكا، الذي تمكن في نفس هذا العمر من اكتشاف وسيلة أكثر كفاءة من أجل الكشف عن مرض سرطان البنكرياس.
تمكن جاك والفضل إلى طموحه الملهم، من التوصل إلى اختبار أكثر سرعة من الاختبارات التقليدية بنحو 28 مرة، وأقل في التكلفة بنحو 26 ألف مرة، فيما يعد أكثر حساسية بنحو 100 مرة، وفقا للعلماء الذين تابعوا نجاح المراهق الصغير.
المثير أن الاختبار الملهم الذي توصل إليه جاك أندراكا، والذي يمكنه كذلك الكشف عن سرطان المبيض وسرطان الرئة، قد ساهم في منح صاحبه المركز الأول في المسابقة العالمية الأكبر بمجال البحوث العلمية ما قبل الجامعة، والمعروفة باسم مسابقة إنتل الدولية للعلوم والهندسة، ما أمن له الحصول على مبلغ مالي تجاوز الـ100 ألف دولار، وهو مازال طالبا مدرسيا.
سر الإلهام
توصل جاك إلى اختبار السرطان الدقيق وغير المكلف، خلال حصة دراسية لمادة الأحياء، إذ كان المعلم يتحدث عن الأجسام المضادة بينما جاك كان يقرأ خلسة عن الأنابيب النانوية الكربونية، وهو الأمر الذي قاد المراهق العبقري إلى فكرة دمج الأمرين معا، من أجل الوصول لاختبار سهل للكشف عن مرض سرطان البنكرياس.
اعتمد جاك على مصادر تبدو تقليدية من أجل التوصل لاكتشافه، حيث استخدم محرك البحث جوجل، واطلع على أكثر من جريدة علمية مجانية القراءة عبر الإنترنت، فيما وضع خطة وميزانية صغيرة لتحقيق حلمه، وتواصل مع حوالي 200 باحث من أجل مساعدته، رفض 199 منهم المجازفة فيما وافق في النهاية أستاذ علم الأمراض والأورام بجامعة جون هوبنكز الأمريكية، أنيربان مايترا، على دعم المراهق المثابر في مهمته الغامضة في بادئ الأمر.
لم تكن محاولات جاك الصغير من أجل اكتشاف اختبار أكثر دقة وسرعة للمرض السرطاني وليدة الصدفة، بل كان الأمر مسيطرا على ذهنه منذ فترة ليست بالقصيرة، وتحديدا منذ توفي أحد أصدقاء الأسرة المخلصين على إثر الإصابة بهذا المرض، الذي يعرف بأنه دائما ما يتم الكشف عنه في وقت متأخر، لينجح جاك أندراكا في النهاية بعد أن أمضى أياما وليالي طويلة في المعامل، في تحقيق إنجاز بشري ملهم ربما يكشف عن أخطر الأمراض فتكا قبل فوات الأوان.