- بابا أريد الذهاب غدا إلى حديقة الحيوانات
نزلت عليا الجملة كالصاعقة من ابنتي الصغيرة، فقررت أن أتجاهل الأمر وكأنني لم أسمع ما قالته، وأرحتها بالإجابة العربية الأصيلة لتسويف الأمور وقلت لها وأنا مستمتع بقراءة كتاب في يدي: إن شاء الله..
شاء الله أن توقظني زوجتي في الصباح الباكر لليوم التالي.. يوم أجازتي الأسبوعية، لتعلن جاهزيتهما في انتظار حضرتي للذهاب إلى حديقة الحيوان كما وعدت ابنتي..
لا أذكر أنني وعدت أحدا.. والحقيقة أنني أكره مشوار حديقة الحيوانات كرها لا حدود له، وهو بالنسبة لي تدميرا كاملا ليوم الأجازة وفرهدة لا متناهية لمجرد مشاهدة حيوانات تتعذب في أقفاصها وإعطائها طعام ليست في حاجة إليه لالتقاط الصور والزهو بها..
ودعت سريري وتحضرت لرحلة العذاب، وذهبنا إلى الحديقة وهناك رسمت على وجهي ابتسامات الاستمتاع الذائفة ونحن نتنقل من قفص لآخر..
- رائع هو الطاووس في زهوه بريشه، يذكرني بصديقك وائل الذي يطربنا دائما بالحديث عن منجزاته.
كانت هذه زوجتي تعلق على الطاووس، ما جعلني أنظر للطاووس نظرة مختلفة وأشعر به في نفسه وكأنه يقول لنا كيف اشترى ريشه من فيرساتشي ومعرفته الشخصية برالف لورين الذي حاك له الطرف العلوي في الريشة التي تعلو رأسه.. وقد أضحكني التعبير والصورة التي رسمها عقلي للطاووس وتشبييه بوائل.
انتقلنا لقفص آخر فيه مواشي تزكم رائحتها الأنوف وتطلق الريح والرائحة غير عابئة بمشاعر الآخرين، ثم قردة تتعلق على الأحبال للوصول إلى هدفها، وطيور جارحة تنقض على فرائسها، ولبؤات تدور حول الأسود الراقدة على التراب، وثعابين تتسلل بخفة والكل يخشى لدغاتها، ومع كل الحيوانات الموجودة كانت هناك حشرات نفعية وكائنات تعيش على فضلات الآخرين، وفي عقلي ربط بين كل قفص نمر عليه وأشخاص نعرفهم في الواقع لهم نفس العادات والقدرات والصفات..
ماذا لو كانت الحديقة وأقفاصها للبني آدمين؟.. ماذا كان سيكتب على شاهد القفص؟.. ماذا لو كانت حديقة البني آدمين؟
من هناك بدأت الحكايات.. ومن هنا نتلوها عليكم، فتعالوا معنا في نزهة لأقفاص مليئة بالبني آدمين.. لن نرهقكم برحلة مجمعة في حر الصيف.. سنزور في كل حلقة قفص من أقفاص #حديقة_البني_آدمين .. فانتظرونا وكونوا معنا في رحلتنا!
إخلاء مسؤولية: المحتوى في قسم الآراء والمساهمات لا يعبر عن وجهة نظر الموقع وإنما يمثل وجهة نظر صاحبه فقط، ولا يتحمل الموقع أي مسؤولية تجاه نشره.