نستمع كثيرا إلى مصطلح صعوبات التعلم المقلق، الذي يكشف عن معاناة الأطفال في المرحلة التعليمية من بعض الأزمات المؤثرة على قدراتهم في تلقي المعلومات، وهي الصعوبات متعددة الأنواع التي نكشف عنها الآن، وعن إمكانية علاجها أيضا.
صعوبات التعلم عند الأطفال
ربما يعتقد البعض أن معاناة طفل ما من صعوبات التعلم، تعني بالضرورة انخفاض معدل الذكاء لديه، إلا أنه اعتقاد خاطئ وفقا للخبراء، الذين يؤكدوا أن الأزمة كثيرا ما تكمن في كيفية فهم أو استماع أو رؤية الطفل للأمور بصورة مختلفة فحسب، تماما مثلما تختلف طرق تحصيل المواد الدراسية من طفل لآخر.
تشير الإحصاءات الرسمية إلى أن ما يتراوح بين 8% و10% من الأطفال من دون الـ18 سنة في الولايات المتحدة الأمريكية، يعانون من أحد أشكال الصعوبات في التعلم، التي تتنوع بين أزمات في الكتابة أو القراءة أو إجراء الحسابات أو حتى فهم الاتجاهات في الشوارع والطرقات، كما نوضح.
أنماط صعوبات التعلم
تختلف أنماط صعوبات التعلم التي تواجه الأطفال الصغار، فهناك مثلا خلل الأداء التنموي المعروف باسم ديسبراكسيا أو صعوبات الحركة، حينها يعاني الطفل من أزمة حركية تجعله غير قادر على إتمام المهام التي تؤهله لتعلم مهارات الحياة بشكل عام، إذ يفشل المصاب بتلك الأزمة في الإمساك بالملعقة أثناء تناول الطعام، وفي ربط الأحذية قبل الخروج من المنزل، لذا فمن المتوقع لاحقا أن يواجه صعوبة في الكتابة باليد، مع الوضع في الاعتبار أن هذا الخلل يرتبط كذلك بحساسية تجاه الضوء، وصعوبات في النطق وحركة العين أحيانا.
ديسلكسيا هي أحد أشكال صعوبات التعلم الشهيرة، المعروفة باسم عسر القراءة، حيث يفشل الطفل في فهم اللغات بالشكل الأمثل الذي يعينه لاحقا على كتابة وقراءة الكلمات، ما يمكنه أن يتطور ليتسبب في معاناة الطفل من صعوبة التعبير عن نفسه بالكلمات، لعدم القدرة على ترتيب الأفكار عند التحدث. بعيدا عن القراءة توجد أزمة أخرى تتعلق بالكتابة على وجه التحديد، تعرف باسم ديسجرافيا، وتتمثل في مشكلات متعددة تتضمن الكتابة بخط سيئ للغاية، صعوبة نطق الأحرف وكتابتها، صعوبة كتابة الأفكار الخاصة على الورق.
أما عن ديسكالكيولا، فهي تلك الصعوبة التي تواجه الصغار في إجراء العمليات الحسابية، حيث تبدو القدرة على إحصاء الأرقام شديدة الصعوبة على الطفل، فيما يكبر ليصبح غير قادر على إجراء عمليات الحساب البسيطة، مثل تلك التي تتطلب الاستعانة بجدول الضرب.
مظاهر صعوبات التعلم
وبينما تعد تلك من أشهر صعوبات التعلم التي يعاني منها الكثير من الأطفال حول العالم، نشير الآن لأزمة أخرى تتعلق بصعوبة اكتشاف إصابة الطفل بتلك الصعوبات، نظرا لاختلاف الأعراض من طفل لآخر، إلا أن هناك بعض العلامات العامة لصعوبات التعلم، من بينها غياب الرغبة والحماس من أجل القراءة والكتابة، وصعوبة تذكر المعلومات.
كذلك يعاني الطفل المصاب بإحدى علامات صعوبة التعلم، من عدم القدرة على التركيز لفترات طويلة، ومن صعوبة فهم الإشارات والاتجاهات، علاوة على أن فهم الأفكار من ملخصها يبدو مستحيلا في تلك الحالة.
يشير العلماء والخبراء إلى أن عدم انتباه الطفل للتفاصيل، أو الانتباه الزائد عن الحد لتلك التفاصيل، قد يكشف عن معاناته من أحد أنماط صعوبات التعلم، كما أن ضعف المهارات الاجتماعية لديه، وتمتعه بالسلوك الفوضوي الملحوظ هو علامة أخرى على إصابته بأحد مظاهر الصعوبات في التعلم، التي تتطلب زيارة الطبيب النفسي لتحديد السر والعلاج الخاص بالأزمة.
كيفية التعامل مع صعوبات التعلم عند الأطفال
معاناة الطفل من صعوبات التعلم ليست نهاية المطاف في كل الأحوال، حيث يحتاج الطفل فقط إلى طريقة خاصة لتلقي المعلومة بالشكل الذي يناسبه، حتى يصبح قادرا على التعلم بالصورة الطبيعية.
ينصح في البداية بالانتباه لكل ما يتعلق بالطفل منذ نعومة أظافره، إذ يمكن لبطء الحركة أو صعوبة التعامل مع الآخرين أن يكشف عن صعوبة تعلم لدى الرضع الصغار، فيما يستدعي الأمر حينئذ عرضه على الأطباء والمتخصصين الذين يمكنهم تفهم درجة صعوبة الأمر لديه.
أما عن الآباء، فمن الأفضل أن يتلقى والد أو والدة الطفل الذي يعاني من صعوبات التعلم، الكثير من المعلومات الموثوقة عن الأزمة لديه، حتى يكونوا قادرين على التعامل مع حالته بالشكل الأمثل، كما ينصح دائما بالاعتماد على طرق التعامل الإيجابية الداعمة التي تحفز الطفل على تلقي العلم، بعيدا عن أساليب التوبيخ التي لا تؤدي بالنفع للأطفال جميعا باختلاف حالاتهم الذهنية.
كذلك يجب على الوالدين أن يركزا كثيرا على تعويد الطفل على عادات صحية، مثل تناول الطعام باتزان، النوم في أوقات منتظمة ليلا، ممارسة الرياضة قدر الإمكان، مع ضرورة ملاحظة أي من الأعراض المقلقة لدى ظهورها عند الطفل، نظرا لاحتمالية معاناة الطفل على الصعيد النفسي من واقع المعاناة من صعوبات التعلم.