لم يتردد الشاب العشريني جيسوس جارسيا ‑ولو للحظة واحدة- عندما وجد القطار شبه المحترق والمحمل بالديناميت المتفجر، متجها إلى محطة قطارات مدينته الهادئة، فقفز بداخله لينقذ سكان البلدة من مصير مرعب، معرضا حياته لخطر محقق.
حادث مرعب
بدأ جيسوس جارسيا في ممارسة مهام عمله الشاق، في محطات القطارات المكسيكية منذ الصغر، حيث أتم عامه الـ23 في سنة 1907، وهو يعمل كمشرف على محطة قطارات في مدينة ناكوزاري بالمكسيك، بعد أن تدرج في عمله لسنوات عدة، حتى جاء يوم لم يتوقعه، وكاد يغير مصير البلدة بأكلمها لولا شجاعته.
في صباح الـ7 من نوفمبر لعام 1907، لاحظ جارسيا الأدخنة الكثيفة وهي تتصاعد من أحد القطارات المحملة بالديناميت والمقتربة من المحطة، كما فوجئ الشاب الصغير ‑الذي كان من المفترض أن يتزوج خلال فترة قصيرة- بسقوط صندوق الحرائق الخاص بالقطار، وخروج الشرارات منه، لتنبهه إلى قرب وقوع كارثة محققة.
أدرك جارسيا أن انفجار القطار أصبح مسألة وقت لا أكثر، كما شعر بأن ضعف إمكانات محطة القطارات المكسيكية، لن يسعفه من أجل إنقاذ الموقف بطريقة تقليدية، لذا قرر الشاب الشجاع ‑ودون تردد- أن يقفز بداخل القطار المشتعل ويسير به عكس الاتجاه، مبتعدا عن مدينته قدر الإمكان.
بطل المكسيك الأوحد
قاد جارسيا القطار بسرعة شديدة ولمسافة 6 كم، مبتعدا عن مدينة ناكوزاري، ليحمي سكانها الفقراء من كارثة محققة لم تصب أحدا بسوء مع انفجار الديناميت المشتعل، إلا شخصا واحدا فقط، وهو جارسيا نفسه، فيما لم تعثر السلطات لاحقا على شيء منه إلا حذاءه الطويل، الذي وضع لاحقا ‑كتذكار لبطولته- إلى جوار قبره.
أثار الحادث الأليم الذي راح ضحيته جارسيا، مشاعر سكان ومسؤولي بلدة ناكوزاري، لذا كان من الملهم أن يتحول اسم تلك المدينة الهادئة إلى مدينة دي جارسيا، كذلك وضعت المدينة تمثالا للبطل الراحل في أحد ميادينها، علاوة على اعتبار يوم الـ7 من نوفمبر، يوما لعمال القطارات في المكسيك، تخليدا لذكرى رجل رحل عن عالمنا منذ أكثر منذ قرن كامل، إلا أن شعبه ما زال يذكره بكل فخر حتى الآن.