هاجر الزوج الغيني مع زوجته الكونجولية إلى باريس من أجل حياة أفضل، ليتحقق حلم الأبوين في الحياة الكريمة بالفعل، والفضل يعود إلى طفلهما الصغير، بعد أن صار أغلى لاعبي العالم وأحد أشهر نجوم منتخب الديوك الفرنسية، المعروف بين الجميع باسم بول بوجبا، والذي ربما لا يعرف البعض أنه أعلن إسلامه منذ سنوات، ليس بسبب والدته مسلمة الديانة فحسب، بل تأثرا أيضا بما سمعه وعايشه من مواقف مع أصدقاء مسلمين على مدار عدة أعوام.
بوجبا الصغير والأم المسلمة
ولد بول في الـ15 من مارس لعام 1993، بأحد الأحياء المتواضعة في العاصمة الفرنسية باريس، عقب هجرة والديه إلى البلاد بأشهر قليلة، حيث أمن ذلك للأسرة فرص البقاء بصفة قانونية هناك بعد الحصول على الإقامة الدائمة، ومن ثم ساعد في جلب الشقيقين الأكبر لبول من غينيا، واللذان صارا كذلك لاعبي لكرة القدم.
يمكن القول إن عقلية الأم المسلمة، يو موريبا، ساعدت أطفالها الـ3 في التطور بشكل ملحوظ، حيث قدمت لهم جميعا الدعم اللازم والثقة من أجل وصولهم لمراتب عليا في عالم كرة القدم، فيما ظهرت أمامهم بصورة السيدة المكافحة، التي تمكنت من حماية أطفالها من الحياة القاسية بضواحي باريس الفقيرة.
كذلك أعطت السيدة يو موريبا لأبنائها نموذجا ملهما للإسلام، من دون أن تلزم أي منهم باعتناق الديانة نفسها، ما يبدو وأنه ساعد الطفل الأصغر بول، على اختيار الإسلام دينا في وقت لاحق، بكل رضا واقتناع ومن دون أي إجبار.
بدا تفوق بول الصغير واضحا بمرور السنوات، على خلفية مهاراته المختلفة التي لم تميزه عن أشقائه فحسب، بل عن كافة لاعبي وسط الملعب من حول العالم، والتي أهلته كذلك للفت انتباه خبراء كرة القدم منذ أن كان ناشئا بأكاديميات فرنسا، وحتى انتقاله لمانشستر يونايتد للمرة الأولى منذ نحو 10 سنوات.
اليونايتد منذ 10 سنوات
ربما لا يعلم الكثيرين أن انتقال بول بوجبا إلى مانشستر يونايتد في عام 2016، لم يكن الأول لنجم الكرة الفرنسية، حيث انضم بول إلى الشياطين الحمر للمرة الأولى منذ 10 سنوات كاملة، وتحديدا في صيف عام 2009، حينئذ كان بوجبا ابن الـ16، ناشئًا صغيرًا يتوقع له خبراء الكرة في فرنسا وإنجلترا، أن يصبح من ملوك اللعبة في غضون أعوام قليلة، ما يبدو وأنه لم يمنع أكاديمية فريقه الإنجليزي من التخلي عنه بعد 3 سنوات أمضاها هناك.
انتقل بول إلى أحد أعرق الأندية الإيطالية يوفنتوس، لقلة مشاركاته مع اليونايتد، ليصبح من الأعمدة الرئيسية للفريق، ويحصد معهم الدوري الإيطالي 4 أعوام متتالية، دفعت إدارة مانشستر إلى محاولة استعادته من جديد، ما تحقق بالفعل ولكن عبر صفقة خيالية، تخطت قيمتها حاجز الـ100 مليون دولار، وجعلت من بول بوجبا أغلى لاعبي العالم آنذاك، وزادت قيمته التسويقية بمرور الوقت، وخاصة عقب مساعدة منتخب بلاده على الظفر بكأس العالم لعام 2018، على حساب المنتخب الكرواتي العنيد.
بوجبا المسلم
«تغيرت بفضل الإسلام، حيث أصبحت أكثر تسامحا، وصار لدي نوع مختلف من السلام الداخلي».. هكذا عقب بوجبا على اعتناقه للدين الإسلامي، الذي حدث وفقا لحديث اللاعب، بعد تجربته للصلاة رفقة أصدقائه المسلمين، مضيفا: «لم أشعر مثلما شعرت في تلك المرة، تغيرت أفكاري وأدركت أهمية الصلوات الـ5، التي تساعدك دائما على التعبير عن الرضا والشكر لما لديك».
تشبع بوجبا الصغير منذ نعومة أظافره، بتجربة والدته المسلمة، التي زادتها قوة وصلابة في مواجهة مصاعب الحياة المختلفة، إلا أنه لم يأخذ قرار اعتناقه للديانه إلا في أوج شهرته وبمحض إرادته، بعدما وجد الراحة بداخل المساجد، بعيدا عن الحياة الصاخبة التي مازال يعيشها دون شك تحت أضواء الشهرة.
يشدد النجم الفرنسي دائما على أن الصورة التي تصل للإسلام مغلوطة تماما، موضحا: «الإسلام هو دين التسامح، أدركت ذلك الفعل بعد رحلة طويلة من البحث، حتى توصلت إلى أن هذا هو ما يناسبني، دين يشجع على الحب والرحمة، لا الإرهاب كما تتحدث الكثير من وسائل الإعلام»
زاد تعلق بوجبا بالإسلام مع سفره في عام 2017 إلى مكة لأداء مناسك العمرة، بعد أيام قليلة من تحقيقه للقب الدوري الأوروبي مع مانشستر يونايتد، وكأنه يرغب في شكر الله على تحقيقه لبطولته الأكبر مع فريقه الإنجليزي، والتي ربما لن تكون الأخيرة للنجم الفرنسي المسلم، بول بوجبا.