يتمتع الأطفال بخيال خصب مليء بأفكار قادرة على أن تدخله في عالم آخر، وتوجهه لخلق قصص وروايات يرويها للآخرين ولا أساس لها من الواقع. يقودنا ذلك لاكتشاف موهبة إبداعية قد يمتلكها أطفالنا ولا نشعر بها.
وتعد الأسرة المسؤولة الأولى عن تنمية المواهب الإبداعية عند الطفل، وهي مسألة تقع ضمن مهام الأمهات والآباء في آن واحد، ولكن هذه العملية تحتاج إلى التركيز والاهتمام على مواهب الطفل، خاصة في وقت الفراغ هو الوقت الأكبر لدى الطفل والذي يمارس فيه هوايته ومواهب
ولتربية الخيال عند الطفل أهمية تربوية بالغة ويتم من خلال سرد القصص الخرافية المنطوية على مضامين أخلاقية وأفكار إيجابية ومحاولة العناية باختيارات الكتب والقصص بأن تكون سهلة المعنى وأن تثير اهتمامات الطفل، وتلمس مشاعره المرهفة الرقيقة، مثل تنمية خيال الطفل من خلال سرد القصص العلمية الخيالية للاختراعات والمستقبل. فهي تعتبر مجرد بذرة لتجهيز عقل الطفل وذكائه للاختراع والابتكار، وظهور مواهب إبداعية أخرى، فيتجه الطفل الي مواهب من خلال القصص كالعزف على آلة ما كأبطال القصص الذي يقرئها.
ولكن قد يقع البعض في خطأ الاختيار في قراءة لقصص تؤثر على ذكائه مثل سوبرمان والرجل الأخضر وطرزان، فهي قصص تلجأ إلى تقديم فهم خاطئ للأطفال ومخالف لطبيعة البشر، مما يؤدي إلى فهمهم لمجتمعهم والمجتمعات الأخرى فهماً خاطئاً، واستثارة دوافع التعصب والعدوانية لديهم .
فالطفل يميل إلى الجمع والادخار والاقتناء، ويجب أن نتيح الفرصة أمامه لامتلاك الكتب، وتخصيص رف خاص له بمكتبة المنزل أو في حجرته أو صندوق يخصص لذلك، بعدها يتجه الطفل إلى الاستقلال واختيار قصصه بنفسة ومناقشته حولها ومشاركته في اختياراته حتى يشعر بالاهتمام وتزداد قراءاته وتتسع وتتنوع .
قال أحد الشعراء الإنجليز: «قد تكون عندك ثروة ضخمة لا تساويها ثروة أخرى، تملأ بها عدداً كبيراً من علب المجوهرات وخزائن الذهب، لكن لا يمكن أن تكون أبداً أغنى مني، فقد كانت لي أم اعتادت أن تقرأ لي».
القراءة هي مفتاح عقل الطفل الذي به تظهر رغبات الطفل. فبعض الأطفال تمتلك القدرة والموهبة في كتابة وإخراج قصص من وحي خياله او كتابة اقوال واشعار.
وانتشرت في الآونة الأخيرة في العالم العربي اكتشاف مواهب الكتابة الإبداعية للأطفال في السابعة من عمرهم إلى أحد عشر عاما يملكون موهبة في كتابة قصص وروايات بشكل فني مبدع ووجود مسابقات تشجع الطفل على ذلك الاتجاه، فوجب على الآباء الاهتمام والتركيز في تربية طفلهم على إخراج الطاقة التي بداخلهم واستثمارها نحو الإبداع والتعود على تحقيق النجاح وشعور الطفل بوجوديته.
لكن قلت أهمية كتب الأطفال في زمن تتدفق فيه على أطفالنا سيول من الأفلام شديدة الجاذبية والإثارة، تعرض عبر الشاشات الصغيرة والكبيرة، إضافة لبرامج الألعاب الإلكترونية التي يدمن عليها ملايين الأطفال على كوكب أرضنا، ناهيك عن مغامرات الإبحار عبر شبكة الإنترنت وغيرها .
في حقيقة الامر تقع مسؤولية الحصار الفكري الذي يعيشه الأطفال العرب موزعة على جهات عدة، على رأسها نظام الأسرة والمؤسسة التعليمية، والمؤسسات الثقافية والإعلامية، وتلك الهوة من التخلف والسطحية.
فأنظمة التعليم العربي لا تقيد الحرية فقط ولكنها تقتلها عمداً، فالواقع العربي لا يجعل الطفل يأخذ نصيبه العادل من خبرات الطفولة المدرسية مشاركة مع البيت من أجل استيعاب الطفل وتنميته بشكل صحيح وسوي، والكتاب لا يتنبهون إلى أهمية علم نفس الطفولة وعلم النفس اللغوي، والمنتج الشعري للطفل جاف وركيك ومدرسي يقيد خيال الطفل. كما أن هناك هوة واسعة بين الطفل العربي وبين ما يكتب له. والوطن العربي يصدر سنوياً ألف كتاب للأطفال والرقم متواضع لمئة مليون طفل، بعد أن أفقدت الفضائيات والتليفزيون أطفالنا براءتهم.
إخلاء مسؤولية: المحتوى في قسم الآراء والمساهمات لا يعبر عن وجهة نظر الموقع وإنما يمثل وجهة نظر صاحبه فقط، ولا يتحمل الموقع أي مسؤولية تجاه نشره.